أنشودة المطر
جانفي 23, 2009 بواسطة sunyday
مطر
مطر
مطر
على نفس نغمات قصيدة السياب أسمع انشودة المطر خارج نافذتي
أحس بنشوة تكسوني
أشعر برغبة في الخروج ومعانقة المطر .أريده أن يتغلغل في كل خليه من جسدي ،أن يطهرني ، أن يغسل روحي ،أن يتوحد مع دموعي فتسيل معه بلا حياء يخفيها بين قطراته
مطر … مطر …مطر
من الطبيعي أن يرتبط المطر في عقولنا بمعنى الرحمه فهو كذلك ، لكن أن يحمل معه أحاسيس بالدفء والحميميه فذلك يصعب كشف كنهه .
حينما أكون ملتحفا
في فراشي في ليلية شتاء بارده ولا أري سوى الظلام في عيني وعقلي ولا أسمع من حديث الحياة سوى أنشودة المطر وذلك الوقع الهادئ لقطراته .تك تك تك والذي يحرك في روحي مع كل قطره مكامن من الحزن ومن السعادة في نفس الوقت . أغمض عيني وأشد عليهما كأني أخشي أن تتسلل إليهما شئ من القطرات الشاردة وأشد لحافي علي وأتكور كقنفذ ويلفني الظلام وأعتزل عن الحياة كلها ولا يصل إلي سوى تك تك تك ،قطرات المطر تخترق الحصار وتكسر العزله وتحملني معها من حيث جاءت ، للسماء
لا أعلم سر الحياة التي يبعثها فينا المطر وكيف له أن ينبت تلك الأحاسيس التي لا يحييها سواه.
لم يعد المطر أكسير حياة الأرض وما عليها من نبات وحيوان فقط
بل غدى يحمل مع قطراته سرا يغذي أرواحنا نحن البشر
قد لا يحس البعض بذلك وقد أخبرني من عاش في بلاد كثير وغزير مطرها
أن المطر ليش له ذلك الوقع لديهم كما هو لدينا ، فهل الندرة هي من أنجب كل ذلك
هل شح المياه وفقر المطر قد يكون السبب أم أن أشهر الحر والشمس الحارقه قد أصابت أراوحنا بجفاف وعطش لاي قطرة ماء.
أم أن السر يكمن في جفاف أرواحنا وما علق بها من كدر الدنيا وأواساخها قد جعلها تبحث عن أي معنى للطهارة وأي باعث للحياة
فوجدت المطر يحملهما معا .
لا أعلم إجابه يقينيه على ذلك لكن يكفيني أنني سعيد بالمطر .لذلك أخرجت ديوان السياب من المكتبه وبدأت أقراء
أنشودة المطر …
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر
أو شرفتانِ راحَ ينأى عنهُما القمر
عيناكِ حين تبسمانِ تُورقُ الكروم
وترقصُ الأضواءُ.. كالأقمارِ في نهر
يرجُّهُ المجذافُ وَهْناً ساعةَ السحر…
كأنّما تنبُضُ في غوريهما النجوم
وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيف
كالبحرِ سرَّحَ اليدينِ فوقَهُ المساء
دفءُ الشتاءِ فيه وارتعاشةُ الخريف
والموتُ والميلادُ والظلامُ والضياء
فتستفيقُ ملء روحي، رعشةُ البكاء
ونشوةٌ وحشيةٌ تعانق السماء
كنشوةِ الطفلِ إذا خاف من القمر
كأنَّ أقواسَ السحابِ تشربُ الغيوم..
وقطرةً فقطرةً تذوبُ في المطر…
وكركرَ الأطفالُ في عرائش الكروم
ودغدغت صمتَ العصافيرِ على الشجر
أنشودةُ المطر
مطر
مطر
مطر
تثاءبَ المساءُ والغيومُ ما تزال
تسحّ ما تسحّ من دموعها الثقال:
كأنّ طفلاً باتَ يهذي قبلَ أنْ ينام
بأنّ أمّه – التي أفاقَ منذ عام
فلم يجدْها، ثم حين لجَّ في السؤال
قالوا له: “بعد غدٍ تعود” –
لا بدّ أنْ تعود
وإنْ تهامسَ الرفاقُ أنّها هناك
في جانبِ التلِ تنامُ نومةَ اللحود،
تسفُّ من ترابها وتشربُ المطر
كأنّ صياداً حزيناً يجمعُ الشباك
ويلعنُ المياهَ والقدر
وينثرُ الغناء حيث يأفلُ القمر
مطر، مطر، المطر
أتعلمين أيَّ حزنٍ يبعثُ المطر؟
وكيف تنشجُ المزاريبُ إذا انهمر؟
وكيف يشعرُ الوحيدُ فيه بالضياع؟
بلا انتهاء_ كالدمِ المُراق، كالجياع كالحبّ كالأطفالِ كالموتى –
هو المطر
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر
وعبرَ أمواجِ الخليجِ تمسحُ البروق
سواحلَ العراقِ
بالنجومِ والمحار،
كأنها تهمُّ بالشروق
فيسحبُ الليلُ عليها من دمٍ دثار
أصيحُ بالخيلج: “يا خليج
يا واهبَ اللؤلؤ والمحارِ والردى”
فيرجع الصدى كأنّهُ النشيج:
“يا خليج: يا واهب المحار والردى”
أكادُ أسمعُ العراقَ يذخرُ الرعود
ويخزنُ البروقَ في السهولِ والجبال
حتى إذا ما فضّ عنها ختمَها الرجال
لم تترك الرياحُ من ثمود
في الوادِ من أثر
أكادُ أسمعُ النخيلَ يشربُ المطر
وأسمعُ القرى تئنّ، والمهاجرين
يصارعون بالمجاذيفِ وبالقلوع
عواصفَ الخليجِ والرعود، منشدين
مطر.. مطر .. مطر
وفي العراقِ جوعٌ
وينثرُ الغلال فيه موسم الحصاد
لتشبعَ الغربانُ والجراد
وتطحن الشوان والحجر
رحىً تدورُ في الحقولِ… حولها بشر
مطر
مطر
مطر
وكم ذرفنا ليلةَ الرحيل من دموع
ثم اعتللنا – خوفَ أن نُلامَ – بالمطر
مطر
مطر
ومنذ أن كنّا صغاراً، كانت السماء
تغيمُ في الشتاء
ويهطلُ المطر
وكلّ عامٍ – حين يعشبُ الثرى- نجوع
ما مرَّ عامٌ والعراقُ ليسَ فيه جوع
مطر
مطر
مطر
في كلّ قطرةٍ من المطر
حمراءُ أو صفراءُ من أجنّة الزهر
وكلّ دمعةٍ من الجياعِ والعراة
وكلّ قطرةٍ تُراقُ من دمِ العبيد
فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد
أو حلمةٌ تورّدتْ على فمِ الوليد
في عالمِ الغدِ الفتيّ واهبِ الحياة
مطر
مطر
مطر
سيعشبُ العراقُ بالمطر
أصيحُ بالخليج: “يا خليج..
يا واهبَ اللؤلؤ والمحار والردى”
فيرجع الصدى كأنه النشيج:
“يا خليج: يا واهب المحار والردى”
وينثرُ الخليجُ من هباته الكثار
على الرمال، رغوةَ الأجاج، والمحار
وما تبقى من عظام بائس غريق
من المهاجرين ظل يشرب الردى
من لجة الخليج والقرار
وفي العراق ألف أفعى تشرب الرحيق
من زهرة يرُبّها الفرات بالندى
وأسمعُ الصدى
يرنّ في الخليج:
مطر
مطر
مطر
في كل قطرةٍ من المطر
حمراءُ أو صفراءُ من أجنةِ الزهر
وكلّ دمعةٍ من الجياعِ والعراة
وكل قطرةٍ تُراق من دمِ العبيد
فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد
أو حلمةٌ تورّدت على فمِ الوليد
في عالمِ الغدِ الفتي، واهبِ الحياة
ويهطلُ المطر
رائعة…
في يوم من الأيام كنت أحفظ الكثير منها..!
أياااام…
🙂
شكراً لك