رمضان على الأبواب وإجازتي توشك على الإنتهاء …أيام جميله قضيتها متنقلا بين إيطاليا والنمسا وأخيرا فرنسا … من هنا من فيينا قلب اوروبا كما يجب أن تكون يفيض القلب والعقل بتنوع فريد من العواطف والأفكار …مشاعر زاهيه قد تكون أيام الإجازه والتفلت من روتين العمل والوظيفه هي الباعث لها وقد تكون الديار التي أسكنها والأجواء التي أتنفسها تملك تلك القوه التي تفك عقال الأفكار الحبيسه والعواطف الدفينه ..على كل ومهما كان فلي حديث من وحي القارة العجوز قد يطول لكني أسبق ذلك السرد بسؤال من وحي المكان…أين هو السائح العربي وماهي السياحه العربيه وما هو شكلها ؟؟؟
هذه ليست زيارتي الأولى لأوروبا وللأسف يتكرر معي نفس المشهد حيثما ذهبت ليس في أوروبا وحدها بل حيثما القيت عصا ترحالي …أين هو السائح العربي عموما والخليجي خصوصا
دعونا نبحث علنا نجده …
المدن التي زرتها كنت أحرص على أقتناء خريطه للمدينه توضح المواقع السياحيه التي تستحق الزياره وتجدني أتنقل من موقع تاريخي أثري إلى متحف أو معرض فني أو كنيسه تاريخيه أو معبد قديم ..ترى هل من الممكن أن نرى أحد من بني يعرب هنا …. أتلفت …لا أحد …..إطلاقا …بدون مبالغه لا أحد .لم أقابل أي عربي .. ومن المسلمين لم أقابل سوى بعض العوائل من ايران وتركيا وهما الدولتين المسلمتين الوحيدتين التين تستحقان الإحترام بالإضافه لماليزيا وذلك له أسباب عديده …
زرت بعض المكتبات والتي أحرص على زيارتها كلما سافرت فهي تحوي كنوزا معرفيه وعلميه قد لا تصل لبلادنا أو قد تحتاج لسنوات للوصول بينما هنا يمكنني الفوز بأحدث الإصدارات وبتنوع مهول … أتلفت أين بني يعرب .. الجواب ….لم ينجح أحد…
للأسف الشديد والمخجل يجب أن نواجه أنفسنا بالحقيقه … لو بحثت في الأسواق لوجدت ضالتك هناك …… ياه ما أكثرهم حتى أن الأسواق تضيق بهم والمطاعم تزدحم بهم ….المئات من نسائنا وبناتنا تجدهن يخرجن من محل ليدخلن الآخر وهن محملات بمايثقل حمله من الأكياس التي تزينها أسماء أرقى وأفخم الماركات بينما تجد الشباب والرجال يتكدسون في المقاهي والمطاعم وكأنهم في ديارهم …
أنا لا أطلب المستحيل ولا أقول بأن نحول رحلاتنا السياحيه لدورات تدريبيه وجولات في المتاحف والمواقع التاريخيه خاصه أن الغالبيه يأتي ليحضى ببعض الفسحه بعيدا عن حياة الجد والعمل ( لو أفترضنا أننا نعيش جديه حقيقيه ) أنا لا اطالب بذلك ولكن لماذا لا يتحتوي برامجنا على ١٠٪ فقط من حب التعلم والمعرفه ..لماذا ماتت الجديه فينا ..لماذا أصبحنا قوم خاملين نبحث عن التسليه والمرح فقط … نعم أعلم بأن بعض الأشخاص يقصدون اوروبا أو سواها للإستجمام فيتوجهون للمناطق الريفيه بعيدا عن صخب وازدحام المدن واؤلئك لهم بعض العذر وليس كله ولكن الجزء الأكبر والذين نرى عواصم اوروبا تختنق بهم ماهي برامجهم خاصه أن بعضهم يقضى قرابه الشهرين هناك ؟؟؟ …
قبل سفري حادثني صديق كان عائدا للتو من رحله لاوربا استغرقت ٢٠ يوما وكانت باريس إحدى محطاته فسألته هل زرت اللوفر فقال لي لا ولماذا أزوره …. ياللعجب …. ولي قريب آخر قضى أكثر من شهر ونصف في باريس ولم يرى منها سوي الشانزليزيه والذي يقضى فيه كل يومه متنقلا من مقهى لآخر هو ورفاقه … هل من تفاهه تفوق هكذا تفاهه
كم أحس بالحسره وأنا اراقب السياح من كافة بقاع العالم هم وأطفالهم يتزاحمون على المتاحف والمواقع السياحيه وأعينهم تلتهم التاريخ إلتهاما …وكم اغالب دمعي وأنا أرى ذلك الطفل ذو الملامح الغربيه وهو يحمل جهاز الدليل السياحي الآلي ويضعه علي أذنيه ليستمع لشرح ماتع عن لوحه فنيه أو تحفه أثريه … يسمع صوت التاريخ ويصغي لعبرة الأيام وحين أعود للفندق أرى أبناءنا في صالة الإستقبال ( أطفال) يمسك كل منهم بهاتفه المحمول ويتبادلون الرسائل ويتنافسون في النغمات والألعاب…ترى هل نحن أبناء شرعيين لتلك الحضاره الفاخره .لإبن الهيثم والرازي وابن سينا …لماذا قطعنا أواصر النسب بيننا وتنكرنا لهم …
ليس العشرات ولا المئات بل الألاف من الشباب من الشرق والغرب تكتض بهم ساحات قصر الشامبرون في فيينا ومثلهم متيبسين أمام نفائس الملكه ماريا تريزا أو أمام بقايا حضاره الرومان أو يتفحصون روعة البناء في كنيسة الدومو في ميلانو …منظر جميل ومبهر ينم عن الكثير وله مابعده بينما ترى شبابنا يلاحقون الفتيات في شوارع فيينا وجنيف وباريس ولندن … هنا أراهم في باحات شارع كرنتنر في فيينا يجولون كالثعالب بنظراتهم الخليعه يحملون قذارتهم معهم وينشرون فضائحنا على الملاء ..والله أنه شئ مخز ويحز في النفس حينما ترى فتياتنا وشبابنا يمارسون تلك الخلاعه الرخيصه … معاكسات و(مغازل) على الملاء ..الا يكفي مانراه في بلادنا من مهازل ….
ليس ذلك نوع من جلد للذات ورغبه في بث الهزيمه في النفوس لا ..ولكنه وقوف مع الذات ومصارحه للنفس بدون نرجسيه كاذبه … العيب هو فينا .في داخلنا ..يجب أن نتخلص من إلقاء اللوم على غيرنا فالعيب فينا والخطاء في داخلنا … كثيرا مانتهم الحكومات أو الغرب الكافر بما تعانيه بلادنا والعجيب أننا نعجز عن الإبداع سوى في صناعة الشماعات التي نعلق عليها تخلفنا وتأخرنا الحضاري … ولكن مع وقفه صادقه مع النفس سنرى الصوره بشكل أوضح بودن مكياج ولا رتوش .قد يكون للحكومات دور وللغرب يد ولكن أساس التخلف والتأخر هي فينا …كل واحد منا يمثل صوره من صور التخلف ..
المفكر الجزائري مالك بن نبي رحمه الله تحدث عن مرحله القابليه للإستعمار التي تسبق الإستعمار وتهيئ له … نعم لقد تخلصنا من الإستعمار وطردناه من بلادنا ولكن هل تخلصنا من تلك القابيله البغيضه للإستعمار الكامنه فينا … أم أننا نغري بإستعمار جديد وكما تقول القاعده الفيزيائيه بأن المواد تنتقل من مناطق الضغط العالي لمناطق الضغط المنخفض ولا أتصور بأن البسيطه تحتوي منطقة ضغط منخفض كبلادنا العربيه …
حينما هزم المسلمون في أحد ماذا قال الله عز وجل لهم ( قل هو من عند أنفسكم ) لم يتخذ لهم الأعذار والأسباب وصدقوني لن يتغير واقعنا حتى نغير مابأنفسنا وحتى ذلك الحين سيظل العالم الغربي هو المستحق لقيادة العالم عن جداره ولا عزاء لأمه تعيش بإسم أجدادها
السلام عليكم,
اخ خالد, كلامك صحيح فلو قارنت السياح الاوربيين في الدول العربية مثلا لوجدت العكس تماما , عندنا في الجزائر ياتي السياح من اوروبا باعداد هائلة ولا تراهم يفتشون سوى عن تاريخ اجدادهم الذين قضوه على هذه الارض الطاهرة و تعلم الجديد من عاداتنا ودراستها والقيام برحلات الى المناطق المهمة و الحساسة و زيارة المتاحف و المعالم الاثرية و الكشف عنها , انهم لا يضيعون وقتهم في الاكل في افخم المطاعم او التجول في السوبرماركات , ليس لاننا نحن اغنى منهم او قل الخليج اغنى منهم , لا طبعا ولكن لانهم يقدرون المال حق قدره ويعرفون تماما كيف يستغلونه في قضاء حوائجهم.
اجازة ممتعة , ورمضان مبارك
وقفت طويلاً هنا لأكتب رداً مناسباً يثري الموضوع .. ولم أجد…
ولكن لعل الحريق الذي أودى بحياة أكثر من أربعين شخص في حفل زفاف في الكويت والذي اعترفت فيه طليقة العريس بأنها من أشعل النار … يعطينا درس …
كيف؟
لأنها قالت أنها “لم تقصد” …!
وهكذا حياة الكثيرين .. يدمرونها بأيديهم ويدمرون معها من حولهم.. يشوهون صورة أوطانهم ودينهم … ويقولون “لم نقصد” .. !
وهم صادقون !!
لأنه لايوجد عندهم شيء “بقصد” .. لأنهم يعيشون حياتهم من غير “قصد” .. لذلك هم لا يفعلون إلا ما “لا يقصدون” …!!
تعرف أخ خالد .. لو سألت مجموعة من هولاء لماذا لا تتوجهون إلى الأماكن الثقافية … سيقول لك واحد منهم على الأقل … “ما افتكرت ! .. نسيت ! … مش بقصد! ”
ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
مع أني لم أزر بعد أية دولة اخرى سوى بلدي..يمكنني تخيل الحال..و ربط روايتك بالواقع..
شخصيا كنت أرجوا زيارة فرنسا..باريس خصوصا مع قراءتي لعراقي في باريس..
كل عام و أنت بخير
الأخ الفاضل: خالد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل عام وأنت بخير وإلى الله أقرب
ونسأله تعالى أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال
وأن يجعلنا وإياكم من عتقاء النار
اللهم آمين
أخي قاده … نعم ماذكرت هو ماكان واضحا هناك…. ليس من العيب أن نذهب للتسوق أو نقضي بعض الوقت في المطاعم والمقاهي للترويح عن النفس ولكن أن يقضي الإنسان كل يومه بين تسوق ومقاهي ومطاعم هنا تكون السفاهه ….
شكرا علي مرورك
أختي عهود …. من المؤسف أن تمر الأيام ونحن على هامشها …ونحن لا نقصد كما قلت …
شكرا علي مرورك
نوفل باريس حاضره العالم وعاصمه النور ..مدينه ثريه الجمال ..تفوح منها رائحة التاريخ …أتنمى أن تزورها أنت والعروسه الجديده ساره
أخي محمد وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وكل عام وأنت من الله أقرب وتقبل الله طاعتكم
مرحبا اخويه ..
عن تجربة شخصية، كانت سفراتنا العائلية عبارة عن تسوق في تسوق … ولا ندري عن البلد اي شي سوى اسواقه ..
وقبل سنتين غيرنا كل ذلك ..
وقبل سفرنا الى ماليزيا كان google صديقنا .. فقمنا بعمل جدول خاص بالاماكن السياحية لماليزيا .. حيث كنا نقوم بزيارة المناطق والمتاحف وحتى الحدائق بمعدل مكانين او اكثر ان كان هناك وقت في اليوم الواحد ..
ومن بين الثلاث اسابيع كان هناك يوم في كل اسبوع للتسوق ..
وكذلك في رحلتنا السابقة الى لبنان، حيث زرنا الناطق والمتاحف والقرى .. والكثير من الاماكن التي قد فوتناها على انفسنا في رحلاتنا السابقة والتي كانت بدون تخطيط لاننا فقط كنا نجعلها للتسوق..
الاغلبية ترى بان زياة اي مكان سياحي هو مثابة ضياع للوقت .. لذلك هم لا يضعونه ضمن جدولهم في السفر ..
بالاضافة الى انه ينقصنا الكثير من ثقافة حب المعرفة، وثقافة الاستمتاع بالاشياء التي بين ايدينا ..
ويعطيك الف عافية ..
أخي الفاضل/ خالد
أنت كشفت عن السبب في مقالك السابق
لم يتعود أبناؤنا على ذلك..!
أغلب الأسر التي تسافر لا تحوي خططها 1 نسبة % من الثقافة!!
أنا أشاطرك هذا الاهتمام ولكني لا أجد من يتحمس لهذا في السفر
فأضطر للضغط على عائلتي ليمنحوني يوماً أو يومان ثقافيان 🙂
مقال رائع جداً..
شكراً لك
دم بخير..
اخي الكريم خالد ..
اعتقد ان الذي يحدث الان السبب فيه اننا والابناء في المراحل الدراسيه الاولى لم نزرع في انفسهم حب المعرفه والتعلم والتزود من الثقافات
لاتوجد عندنا رحلات للمتاحف والاماكن التاريخيه فينشء النشء وهم لايدركوا اهمية معرفة ثقافة الغير .
العرب للاسف لايستفيدوا من رحلاتهم للخارج وكان القصد هو الملاهي
والتسوق ..لان امة اقرأ اصبحت لاتقرأ
كل عام وانت بخير …اعاده الله علينا وعليك بكل خير
حتى لا يستمر الحال على ما هو عليه ، يجب أن نطرح جميع المشاكل وكل الظروف التي أدت إلى تكوين هذه النوعية من المواطنين العرب ،شيء بسيط أدى نتائج عظيمة ف تكوين شخصية العربي ، إلا وهي ” التربية العربية ” .
للاسف لم يتعود العربي على زيارة الاماكن الثقافية في بلده فكيف نريده أن يكون شغوفاً بها خارج بلده ، أوطاننا تحوي الكثير من البقاع التي تستحق الزيارة ، فإذا سألت أحد أبناء تلك البقاع عمن تحويه بلدناهم من كنوز ، نكروها ..
والسبب إنهم لم يتربوا على هذه الامر .. ثقافتنا هي الخروج للترفيه .. والترفيه لدينا ذكرته بالاعلى .. أما الاطلاع على الثقافات الاخرى .. فهي جزء من مناهج التعليم .. وهذا مما حرمناه على أنفسنا
Wow! Great to find a post knkcoing my socks off!